التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سيكولوجيا الأزياء

قراءة في كتاب: سيكولوجيا الأزياء

القراءة بقلم: زياوكنج وانغ

ملخص:

في هذا الكتاب "سيكولوجيا الأزياء"، قدمت كارولين ماير مدخلاً سيكولوجياً لفهم القضايا الهامة الحالية ضمن دراسات الأزياء، ومن ضمنها دور الصورة التي يرسمها الزي، وظهور الأزياء المستدامة. هذا الكتاب الذي يبين أن الزي كما أنه لا ينفصل عن الجسد، ويرتبط كذلك بدرجة عالية بأذهاننا وسلوكنا، إلا أنه يقدم رؤية للأزياء من منظور النظريات السيكولوجية الأحدث.

قد لا تكون ضمن صناعة الأزياء، لكنك لن تستطيع التهرب من استهلاك الأزياء. إن الأزياء هي طريقة هامة نقدم أنفسنا من خلالها للعالم في حيانا اليومية (ايرفنغ جوفمان، 1956). ولأن الثقافة الاستهلاكية تعم العالم، فإن الأزياء لا تعتبر موضوعاً هامشياً، أو تافهاً، ولكنها تتضمن معاني فردية أكثر في المجتمع المعاصر. وطبقاً لذلك، لم تعد دراسات الأزياء مجالاً هامشياً من مجالات البحث مثلما كان يتم تصويره قبل عقود (اليزابيث ويلسون، 1985). لقد شرع الأنثويون، ومنظرو الدراسات الثقافية، وعلماء الاجتماع والباحثون من خلفيا متعددة الاخصاصات استكشافات متعددة الأبعاد في بحثهم ضمن الأزياء. إن المدخل السيكولوجي لــــ ماير في كتابها سيكولوجيا الأزياء، مع ذلك، لا يقدم فقط رؤية جديدة لفهم القضايا الهامة الراهنة، ولكنها كذلك تفتح المناقشات ضمن تلك المجالات التي لم يتم استكشافها إلا قليلاً.

إن الأزياء، بمنطقها الخاص الجديد والمتغير، تستعصي على التكيف مع التحولات الاجتماعية المعاصرة. وعلى العكس، فإنها تكتسب طاقة ايديولوجية متزايدة للهيمنة على طريقتنا في اللبس، وكيف نبدو وكيف نعيش في القرية العالمية (جيليه ليبوفيتسكي، 1987). يُنظر علماء الاجتماع للأزياء باعتبارها سعي للتميز الطبقي أو نوع من "الاستهلاك الملفت للنظر" (جورج سيميل، 1904؛ بيير بورديو، 1984؛ ثورشتاين فيبلن، 1899). ومع ذلك، تجادل ماير أن "الأزياء أصبح الوصول إليها أكثر سهولة عبر الطبقات الاجتماعية-الاقتصادية" في القرن العشرين (80). وتوضح كذلك أن الناس يلبسون لإشباع رغبات أكثر تنوعاً من مجرد "أن يبدون مهندمين" (93). وفي الفصل الرابع، تتبني ماير نظريات الهوية الذاتية والاجتماعية لاستكشاف الوظائف السيكولوجية للأزياء، من ضمنها "تعزيز الذات"، "وتصنيف الذات"، "والتعبير عن الذات"، وبناء الهوية الاجتماعية. . إن تحليلها يعكس الأبحاث السوسيولوجية حول أنماط الثقافات الفرعية كطريقة للتحايل على العضوية في الجماعة الاجتماعية وكذلك للتعبير عن خصوصية الفرد (ديك هيبديج، 1979).

إن معاني الأزياء بالتالي تعتبر ذات أهمية خاصة لمنظري الثقافات. فيعتبر العلماء السيميائيون الأزياء كنظام رموز ومحاولة للإفصاح عن المعاني الدفينة لحوارات الأزياء ورموز الأزياء (رولاند بارثيز، 1967). يحاول علماء الاجتماع الثقافي تفسير القيم الثقافية والهويات الاجتماعية المرتبطة بنمط معين. ومع ذلك، فقد جرى انتقاد هذه المداخل بسبب القراءات الذاتية للمعنى أو بسبب إهمال الإمكانيات المتعددة للتأويل من قبل مختلف الأفراد. لقد ألقى المدخل السيكولوجي لـــ ماير الضوء على الفروقات الفردية من حيث تأويل الأزياء. وتجادل أن الكيفية التي يدرك بها شخص معين نمطاً معيناً هو نتيجة للعديد من العوامل الشخصية، من التفضيل والشخصية إلى العاطفة والمزاج (94).

إن التمثيل المغلوط للصورة الذهنية للأزياء واستدامة صناعة الأزياء هما مجالا الاهتمام الرئيسيان في دراسات الأزياء الراهنة والتي تمت مناقشتها في "سيكولوجيا الأزياء". في الغالب ينتقد الأنثويون المُثُل اللاواقعية الممثلة في الإعلام المرتبط بالأزياء، باعتبار أنها لا تدمر فقط التأثيرات الاجتماعية، مثل المساهمة في اضطرابات الأكل بين الشباب (نعومي وولف، 2007)، ولكنها كذلك تشييء المرأة جنسياً وتعزز من اللامساواة الجندرية (روزاليند جيل، 2007). تقدم ماير بيانات بحث امبريقية داعمة ومتنوعة في الفصل الثالث لبيان كيف أن حوارات الأزياء اللاواقعية للجسد والجمال تعزز هياكل اللامساواة في مجتمعنا، من ضمنها لك التي لا تربط فقط بالجندر والمظهر، ولكن كذلك بالعمر، والاثنية والمكانة الاقتصادية. وفي غضون ذلك، فإنها تستخدم النظريا السيكولوجية مثل ادراك الذات (58) وتبرير الذات (51) لاسكشاف المبررات السيكولوجية التي تشكل الأساس خلف الظاهرة الاجتماعية. إن تشديدها بشكل محدد على التأثير المتنوع لصورة الجسد المثالية على الشباب اليافعين (35) هو تنبيه جديد على عواقب التمثيل المغلوط للأزياء.

يناقش الكتاب كذلك بعض المشكلات السيكولوجية الإضافية المرتبطة بصناعة الأزياء، والتي تشمل كلاً منتجي الأزياء ومستهلكي الأزياء. وعلى الرغم من أن بعض المشكلات الصحية مثل اضطرابات الأكل الي تمر بها عارضات الأزياء قد لاحظها كل من الجمهور والأكاديميين على حد سواء، إلا أنه لم تعط الصحة الذهنية للعاملين في مجال الأزياء إلا القليل من الاهتمام. تستكشف ماير هذه القضية من خلال تقديم دراسات حول العلاقة الارتباطية بين الابداع والمشكلات الصحية العقلية (25). وتزعم أن مصممي الأزياء وعارضات الأزياء يعملون في بيئة ضاغطة وذات تحدي ويعانون من درجة عالية من خطر ضعف الصحة العقلية بسبب الابداع وتجدد الابتكار المطلوب بشكل متواصل في صناعة الأزياء (27). وتحدد ماير الحاجة لتحسين الصحة السيكولوجية للمهنيين العاملين في الأزياء ولكنها تعترف أنها مشكلة ستعصي على الحل.

إن اضطراب الشراء القسري هو حالة في الصحة العقلية يمر بها بعض مستهلكي الأزياء. وينتقد الكثيرون الفاقد الاقصادي والضرر البيئي الناجم عن الافراط في الاستهلاك، ولكن يكشف المنظور السيكولوجي لــ ماير جانب من القضية لا يلاحظ إلا بدرجة أقل: اضطراب الشراء القسري باعتباره إدمان على السوق والصرف والذي ينشأ في المجتمع الاستهلاكي. عادة يمر المتسوقون القسريون بــ "مشاعر التوتر والقلق قبل الشراء والشعور بالراحة بعد الشراء" (81). وأولئك المصابين باضطراب الشراء القسري يمكن أن يشعروا بإحساس السيطرة غير أنهم في الغالب يعانون من الذنب. ومثل اضطرابات التحكم بالاندفاعات، يمكن لاضطراب الشراء القسري أن يقود لمزيد من الضغط والقلق والاكتئاب (82). وبالنظر إلى العدد الكبير من المسوقين القسريين، فلا يعتبر اضطراب الشراء القسري مشكلة اجتماعية تافهاً ويستحق تدخلاً اجماعياً أكبر. ويوصي الكتاب بمعالجات مثل حضور العلاج ومجموعات الدعم.

لقد جرى الدفاع عن الأزياء المستدامة من قبل كل من علماء البيئة والسوسيولوجيين. وهدف الحركة لمواجهة الاستهلاك المفرط للملابس الذي تروج له "الأزياء السريعة" والي تقود إلى مشكلات بيئية مثل ضعف ظروف العمل بالنسبة للعاملين في الأزياءفي المناطق الأقل ثراء (83). لقد قدم المدافعون اقتراحات مثل أزياء الدرجة الثانية والابتكارات المادية كحلول (كاتي فليتشر، 2008). وتعطي ماير تلك المناقشات عمقاً أكبر. ففيالفصل الخامس، تدرس المبررات السيكولوجية العديدة وراء تبني الأزياء في المجتمع الاستهلاكي. فالناس يسوقون ليس فقط لغايات شمولية، ولكنهم يتسوقون كذلك لبناء صورة للذات، ولمتابعة نمط حياة معين، أو الهوية الاجتماعية، ولتعبير الفرد عن اعتقاداته وقيمه وأحياناً كذلك للمتعة. ولتشجيع استهلاك الأزياء المستدام في المجتمع، فلام يمكن إهمال هذه العوامل. كما يحلل الفصل أكثر عدم كفاية تدوير الأزياء من خلال نظرية المس Theory of Contagion: فبعض الناس يرفضون الملابس المدورة لأنهم قد يربطوا الملابس بمالكها السابق، أو اعتبارها صنفاً قديماً وغير مرغوب به. إن إعادة التدوير للأفضل Upcycling الذي يتضمن صنع شيء جديد من أشياء موجودة، تبدو استرايجية أفضل بالنسبة لأولئك المستهلكين. وفي الأثناء، تقترح ماير طريقة سيكولوجية لحل مشكلة فيض الانتاج: ببناء "استهلاك صفري بارز باعتباره علامة جديدة على القيمة الذاتية" (85)

إن الأزياء ليست مجرد موضوع لباس أو مظهر جسدي. ففي حين أن بعض منظري الأزياء يزعمون أن الأزياء لا يمكن فصلها عن الجسد (جوان إنتويستل، 2000؛ مالكولم بارنارد، 2014)، تحاول ماير إثبات أن الأزياء ترتبط بدرجة عالية كذلك بأذهاننا وسلوكنا. إن التفريد المتزايد للأزياء المعاصرة في عصر ما بعد الحداثة يذكرنا بأهمية المدخل السيكولوجي. ومن خلال الربط بين السيكولوجيا والأزياء، يقدم هذا الكتاب رؤية للأزياء من زاوية النظريات السيكولوجية الأحدث. وهو كذلك مقدمة جيدة لعدد من نظريات الأزياء،وسيجد الطلاب معلومات غنية تغطي النصوص والنظريات الثقافية والاجتماعية الكلاسيكية وثيقة الصلة بدراسات الأزياء 
 [2025، YFHF].
بيانات مراجعة الكتاب

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعليم الكبار في الاتحاد الأوروبي

عنوان المقالة: مغالطة التمييز الشامل للتعلم السابق: حالتي البرتغال وسلوفينيا ملخص: في هذه المقالة، ندرس التأثير الرأسي لسياسة الاتحاد الأوروبي في تمييز التعلم السابق في بلد من جنوب أوروبا (البرتغال) ومن وسط أوروبا (سلوفينيا). ونشدد على تأثير سياسة الاتحاد الأوروبي على سياسات تعليم الكبار وتطور تمييز التعلم السابق التي تمنح تأهيلاً مهنياً. وعلى الرغم من أنه ليس معترفاً بها على نطاق واسع في المناقشات النظرية حول تعليم الكبار، إلا أننا نستخدم نماذج RPL التي قدمتها جودي هاريس لمناقشة الأهداف الرئيسة لوثائق السياسة الوطنية لتمييز التعلم السابق الرسمية الأساسية من عام 2000 إلى عام 2018 باستخدام تحليل الوثائق. وتم اجراء تحليل مقارن للبلدين، ومناقشة التشابهات والاختلافات بين أحكام تمييز التعلم السابق. تشير نتائجنا إلى أن المدخل الشمولي لــ تمييز التعلم السابق وثيق الصلة بالسياسات الوطنية. وفضلاً عن ذلك، تسمح هذه النتائج لنا أن نسأل لماذا لا يعطي أصحاب العمل إلا القليل من الاهتمام لمؤهلات الدارسين في تعليم الكبار المكتسبة من خل...

العلاقة بين التربية والابستمولوجيا

 عنوان المقالة: الابستمولوجيا والتربية ملخص: في حين أن فلسفة التربية تعتبر غالباً مبحثاً تطبيقياً إلا أنها قدمت مساهمات عبر مجموعة الطيف الفلسفي على سبيل المثال كان هناك جملة هامة من الأبحاث حول الجماليات والتربية وكان هناك كر وفر من حين لآخر في المناظرات حول الانطولوجيا وحتى الميتافيزيقيا مع أنه نادر. ومع هذا فإن غالبية الأبحاث كانت معنية على الدوام بالابستمولوجيا (أي مسائل المعرفة) والأخلاقيات (مسائل الاجراءات الصائبة). وتقليدياً كان لمعظم الأبحاث تلك، وبشكل خاص في الابستمولوجيا، نزعة فردية بدرجة عالية. إن فرضية العقل العليم باعتباره الخصيصة الأساسية للفاعل العقلاني المستقل ذاتياً هي في صلب التقاليد التربوية الليبرالية وتضرب جذورها في الشك الديكارتي: حتى وإن كنتُ أشكُ من أنا فهناك "أنا" الذي يشك وهذا "الأنا" هو الخاصية الجوهرية للفاعل العقلاني المستقل ذاتياً أي الإنسان الكامل  [2022، GQLX] . بيانات المقالة: كود البحث الرقمي: GQLX مواضيع ذات صلة   رجوع إلى الصفحة الرئيسة

تدريب قائم على الأدلة

عنوان المقالة: دراسة نوعية حول الأدلة القائمة على الممارسة للمعالجين الطبيعيين الفليبينيين  ملخص: قمنا بتطوير وتطبيق برنامج تدريبي عملي قائم على الأدلة لمجموعة من المعالجين الطبيعيين في الفليبين. هدفت هذه الدراسة النوعية إلى استكشاف وجهات نظر المعالجين الطبيعيين الفيليبيين فيما يتعلق بالبرنامج التدريبي العملي القائم على الأدلة والبرنامج التدريبي العملي القائم على الأدلة الذي تم تقديمه، والتعرف على استراتيجيات تطبيق البرنامج التدريبي العملي القائم على الأدلة واستدامته في الفيليبين. استخدمنا تصميماً وصفياً نوعياً باستخدام مجموعة بؤرية لقياس للإجابة عن أهدافنا. تم استخدام عينة التباين الأقصى، وتفريغ البيانات والملاحظات الميدانية تم تحليلها باستخدام تحليل المحتوى، وتمت الإشارة إلى خطوات ضمان المتانة. شارك سبعة مشاركين في المجموعة البؤرية. وبشكل عام، تم تصور البرنامج التدريبي العملي القائم على الأدلة باعتباره أساسياً في تحسين نوعية الرعاية والممارسة. كان الاعتقاد أن البرنامج التدريبي العملي القائم على الأدلة وثيق ال...